Jumat, 14 Agustus 2015

كفــائة معــلم اللغــة العربيــة (دراسـة تحليلـة عن مهنـة التدريس فى المدرسـة الثانويـة الاسلاميـة بباميكاسن)

1.    خلفية البحث

اللغة العربية مركب معقد تمس فروعا من المعرفة المختلفة, فهى فعل فسولوجى من حيث أنها تدفع عددا من أعضاء الجسم الانسانى الى العمل, وهى فعل نفس من حيث أنها تستلزم نشاطا اراديا للعقل. وهى فعل اجتماعى عن حيث أنها استجابة لحاجة الاتصال بين بنى الانسان ثم هى فى النهاية حقيقية تاريخية لأمراء فيها, نعثر عليها فى صور متباينة فى عصور بعيدة الاختلاف على سطح الأرض[1].
ويتمثل الفعل الفسيولوجى فى اللغة العربية فة قدرة الأعضاء الصوتية والجهاز العصبى على نطق ما يكسبه الصفل من الأصوات ذات المعانى والدلالة ونموها مع نمو الطفل حتى يكتمل جهازه الصوتى ليتمكن بعد ذلك من نطق الكلمات التى يسمها واعادتها بنفس الطريقة التى سمعها ويضاف الى نطق الكلمات قدرتان اخريان تمكنان الانسان من التخاطب هما؛ القدرة على اعادة انتاج تلفظات بناء على الادارة عند الحاجة اليها, وتحقق الشخص ان نطقه سليم.
ويتمثل الفعل النفس للغة العربية فى أن الانسان عندما يفكر يخاطب نفسه أو يخاطب غيره عن طريق بعض الصيغ الرمزية التى تثير الوجدان والفكر فى نفسه أو غيره انما يحدث تفاعلا وتأثيرا. ويتم هذا التفاعل ذلك التأثير عن طريق الكلمة المنطوقة و المطبوعة. ولذا فان اللغة اللغة لاتوجد خارج أولئك الذين يفكرون أو يتكلمون وانما تمتد جدورها فى أعماق الضمير الفردى ومن هنا تستمد قوتها.
ويتمثل الفعل الاجتماعى للغة العربية فى أنها تكونت يوم احس الناس بالحاجة الى التفاهم فيما بينهم فهى قد خلقتها الحياء والحاجة والرغبة وتنمو عن طريق بعض الأشخاص الذين يملكون جهاز النطق السليم, ويطرحون فى علاقتهم الوسائل التى وضعتها الطبيعة تحت تصرفهم كالاشارة أو النظرة, ولذا فان اللغة العربية تظل خاضعة اللحياة فة تطوره الذى لا ينتهىالى حد.
أما أنها حقيقة تاريخية, فذلك مما لا شك فيه فقد أصبحت بفضل تلك الرموز- وأن اختلفت اختلافا كبيرا – الوسيلة الوحيدة التى يستطيع بها الانسان الادراك أو التكفير أو تسمية الأشياء مما أوجب عيله ضرورة الالمام بالفروق الدقيقة بين ألفاظها وما تؤديه هذه الألفاظ من معان.
فاستخدم الرموز الصوتية المحددة فى كل لغة من لغات الأرض وكذلك اللغة العربية فى أنساق مختلفة اتاح لها أن تكون الاف الكلمات وتتخذ الأجزاء المختلفة فى هذا النظام فى كل حالة على حدة ترتيبا محددا.
فلكل رمز صوتى وظيفته فى الكلمة ولكل كلمة وظيفتها فى العبارة و الجملة, والالتزام بالنسق المتفق عليه وأجب فى البيئة اللغوية الواحدة والا فقد الرمز قدرته على النقل والايحاء.
وهذا النسق اللغوى يتضمن ترتيب الأصوات داخل الكلمة وترتيب الكلمات داخل الجملة وتتضمن تنظيمات اللغة انواعا أعقد من المزج بين الرموز الا ان المزج بين الوحدات الصغيرة للكلام بترتيب خاص لا يعني بالضرورة أن الجملة التى تنتج عن هذا الترتيب لها معنى.
ويطلق على انواع المزج بين وحدات الكلام لتكوين كلمات وترتيبها مع بعضها البعض لاعطاء معنى فى لغة معينة اسم علم المعانى "simantics" فالجملة التالية, قاتلت الكعوب الخضراء على التفاحة تعد صحيحة من الوجهة النحوية الا انها لا معنى لها فى ثقافتنا[2].
كما تعد اللغة العربية نشاطا مقصورا على الانسان دون غيره, فالببغاء حين يتكلم لا يمكن أن يسمى كلامه لغة العربية لأنه خال من الجانب السيكاوجى العربى, ولأنه مجرد تقليد لالفاظ وكلمات مسموعة, اما بالنسبة للانسان فان اتقان اللغة العربية المنطوقة بعد أمرا عاما وسريعا بالمقارنة بالمستويات الحيوانية الاخرى, وبالاضافة الى انه من الممكن أن يخلق من التخاطب بين أفراد الانسان معانى جديدة وان توجد ثنائية أي يوجد معنيان أنفس الصوت.
معلم اللغة العربية مدرس من نوع ممتاز لأنه يقوم بأجل مهمة وأخطر رسالة, أما المهمة التى يقوم بها فهى تعليم اللغة القومية التى ترتكز عليها أسس وجودنا القومى والروحى, وهو ذو رسالة لأنه من خلال تعليمه لغة الأمة ولغة القرآن يحقق توجيها ساميا يرمى الى اعداد جيل معتر بلغته, ومعتز بمقدساته, ومعنز بما تقدمه هذه اللغة من حضارة وتراث يشده الى جذوره القومية شدا.
فمدرس اللغة القومية ليس مدرسا فقط وانما هو مدرس ومنشئ جيل, فهو لا يعلم حروفا وانما يعلم تراث أمة. انه يثقف اللسان من جهة, ولكنه من جهة ثانية يمد الفكر بالأمجاد التى ضمها هذا التراث الكبير من شعر ونثر, وخطبة ومقالة, وقصة ورواية. فليس مدرس اللغة العربية إذن آلة لتلقين النحو والمحفوظات, وانما هو صانع جيل ينشئه على طراز يجعله يحتضن ميراثنا العربى الضحم ويتمثله تمثيلا يحقق به كيانه وذاته[3].
إن مدرس اللغة العربية لا يدرب الألسنة على النطق الصحيح, ولا الأنامل على الكتابة السليمة, وانما الى جانب ذلك يفتح القلوب على المجد العربي, ويهز العاطفة يتراثنا الانساني والروحى؛ فواجبه إذن أن يخلق الشاب المعتز بأمته, الفخور بلغتها, المتعطش لإحياء تراثها, ليتابع سيره قدما فى معارج الرقي, وليسهم فى تطوير البشرية والتعبير عن مشاعرها وصون قيمها الكبرى المتطلعة للخير والحق والجمال.
فمدرس اللغة العربية إذن ليست مهمته مقتصرة على التعليم بمعناه الضيق, وإنما ينبغي له أن يغني نفوس طلابه بالأمجاد العربية, كما ينبغي له أن يطور حسهم البديعي ليجعل منهم أدباء وقصاصين, وشعراء ومؤلفين. وهي لعمري مهمة جليلة يجدر بمدرس اللغة القومية أن يدرك خطرها ويشعر بعظم المؤولية التي تفرضها عليه[4].
وإذا كان على المدرس, بشكل عام, أن يتصف بصفات معينة ليؤدي مهمته التعليمية والتربوية, فمدرس اللغة والأدب, إلى جانب تلك الصفات, يجب أن يتصف بصفات أخرى تفرضها عليه طبيعة المادة التي يقوم بتدريها, وعليه فوق ذلك أن يعد إعدادا خاصا لهذه المهنة الشريفة.
2.    دراســة النظـريـة
أ‌.        الكفـائة اللغويـة لمعلـم اللغـة العربيـة فى المـدارس
حينما يتحدث المتخصون بالقضايا التربية عن العملية التعليمية يرون أنها تشتمل على عناصر ثلاثة أو أربعة منها المعلم والطالب والمادة والطريقة, وهى من ضمن ما يسميها الدكتور عبد الحميد الهاشمي بأركان عملية التدريس فى كتابة مبادئ التربية العملية[5], هذا يرى بعض النختصين ضرورة اضافة الطريقة الى هذا المثلث, أما الدكتور لادوفيرى يرى أن نضيف عنصر المكان أو الجو المكاني (setting) وذلك حين الحديث عن تعليم اللغات الأجنبية[6],وأيام كان رأى الخبراء التربوين فان مما لا شك فيه أن المعلم يعد من أهم عناصر العملية التعليمية ان لم يكن أهمها على الاطلاق وهو ما ذهب اليه الدكتور محمود اسماعيل فى بحثه "وسائل تدريب المعلمين" وذلك للدور الذى يستطيع أن يلعبه المعلم فى التأثير على المادة والطالب.
لمعلم اللغة العربية هناك أربع ركائز رئيسيةفى التعليم والتعلم الناجح, قد ذكرنا ما يلى :
1.        الصفات الشخصية
كثير مما يقال ويكتب فى هذه الأيام لمعلمي اللغات يركز عل النواحي التكنيكية والفنية فى تعليم اللغات بما فى ذلك معرفة علم اللغويات والتحليل المقارن والوسائل السمعية والبصرية وهكذا. ولا أريد هنا أن أقل من أهمية هذه النواحي كمعلومات ووسائل لتعليم اللغة العربية, ولكن أود أن ألفت الأنظار الى أن معلم اللغة العربية هو فى المرتبة الأولى انسان وفى المرتبة الثانية معلم ومرب وفى المرتبة الثالثة معلم لغة والى أنه بصفته انسانا ومعلما ومربيا يعلم أكثر بكثير من لغة أجنبية.
يعلم المعلم حسن الأخلاق والآداب ليس فقط بما يقوله لطلابه بل بحسن سلوكه وتصرفه, أنه يعلم العلاقات البشرية, كيفيتها ونوعيتها, وتكون علاقاته الشخصية مع زملائه وطلابه نموذجا يقتدي به. انه يعلم الابداع, وكثير من الحاجة فى العمل يتوقف على قوة خياله وأبداعه, فالقسط الأوفر من تعليمه للإبداع يتأتى من تنويع نشاطاته الصفية, وكيفية استعماله الوسائل التعليمية المختلفة واستخدامه المهارات الفنية فى أداء دروسه لتعزيز بعض نقاط التعليم, واعطائه الفروض المفيدة التى من صفاتها التوازن بين ما هو ضمن حصيلة الطالب وامكاناته وما يمثل فى الوقت نفسه تحديا له. انه يعلم الديموقراطية عن طريق الفرص التى يعطيها للطلاب ليعبروا عن انفسهم, وعن طريق عرض مواقفة الايجابية من اشتراك الطلاب الفاعال فى اختيار النشاطات الأكاديمية والصفية والنشاطات الاجتماعية واللاصفية. ان فلسفة المعلم فى الحياة وذكائه واهتمامه الصادق بالناس ولذته فى التعليم وتفانيه فيه وصبره وتسامحه وصدقه وامانته واستقامته فى كل مجالات الحياة زقابليته للتكيف لأوضاع مستجدة وقدرته للقيادة بغير أعداء وروع الفكاهة عنده, كل هذه تؤثر تأثيرا مباشرا فى شخصيات طلابه, من هذا يتبين أن صفات المعلم الشخصية هى الركيزة الأولى للتعليم الناجح.
2.        الكفائة والمهارات اللغوية
أهم كفاءات المعلم المهنية مهاراته اللغوية. فان كان معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها هو نفسه من الناطقين بها, وعندئذ يمكننا التكهن بأن اتقانه للغة فى كل أوجهه يعتبر نموذجا, مع أن هذا ليس هو الحال فى كل مكان.
أما اذا كن معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها هو نفسه مير الناطقين بها أيضا, فان عددا من المؤهلات يجب أن يتوافر للتأكد من كفاية هذا الشخص لغويا. قد لا يمكننا أن نطالبه باخراج الأصوات العربية اخراج الناطق باللغة العربية, ولكننا نكون قد فشلنا ولو جزئيا, اذا لك نصر على حد ادنى من الوضوح يتيح للناطق باللغة العربية فهم ما ينطق به هذا المعلم. وهذا يعنى اخراج الفونيمات المقارنة (فى الأصوات الساكنة وغير الساكنة وفى النبر والنغم والوقف والايقاع) فى اللغة العربية بشكل يفهمه المتكلم العربي ولو تلونت هذه الفونيمات بعض الشيئ بأصوات لغة المعلم الأم.
وبالإضافة الى الأصوات, فان استعمال المعلم المفردات العربية هو دليل واضح على فهمه لمعاني هذه المفردات وكذلك استعمله التعابير اللغوية وبعض الأقوال المأثورة. ولا يقصد بهذا القول أن على المعلم أن يتقن استعمال المفردات الخاصة المستعملة فى حالات محدودة أو فى ظروف قياسية محصورة أو فى بعض اللهجات المحلية أو الاقليمية, ولا نفس بالطبع أن قدرة المعلم على استيعاب التراكيب اللغوية واستخدامها يجب أن تكون على مستوى من الطلاقة والصحة على اساس آلى أو تلقائي.
أما من وجهة المهارات الكتابية, فعلى المعلم أن يكون خطة سهل القراءة وأن تكون جملة وتراكيبه اللغوية ومفرداته صحيحة وأن تكون انشاؤه سلسا ومرنا ومنظما ومتناسقا. وهذا طبعا لا يعني أن تكون كتابة المعلم العربية بالضرورة ذات اسلوب ادبي رفيع.
3.        معرفة العلوم اللغوية
يمكننا أن نقسم معرفة العلوم اللغوية المطلوب هنا الى أربعة اقسام ؛ معرفة الهدف, ومعرفة عن لغة الطالب الأم, ومعرفة عن التحليل المقارن والمشاكل اللغوية التى قد يواجهها الطالب فى تعلم اللغة الهدف, وقدرة المعلم على كتابة مواد تعليمية لغوية مناسبة وتحضيرها.
أن المعرفة عن لغة الطالب الأم وعن اللغة الهدف (وهى هنا اللغة العربية) تعني الماما بصوتيات اللغتين وتراكيبهما الصرفية والنحوية والبيانية وبناء المفرداتهما ومعانيها وعلاقة كل لغة منهما بثقافة الناطقين بها, من هنا يصبح المعلم قادرا على فهم الدراسات المقارنة بين اللغتين وتحديد الفروق التركيبية بينهما. وبذلك فانه يستطيع أن يبين التمارين المناسبة (الأساسية منها والمكملة) التى تساعد الطالب على ضبط هذه الفروق وعلى تنمية مهارات اللغوية الجديدة.
4.        الأساليب والطرائق التربوية والتعليمية
ان كفاءات  المعلم تضم مهاراته التعليمية, وينتج قسم من هذه المهارات من فلسفة تربوية سليمة توجه مبادئ المعلم وأهدافه, ويظهر قسم اخر منها فى تطبيق أصول على النفس التربوي الحديث والنظريات الحديثة فى العملية التعليمية التى تساعد المعلم على تحقيق اهداف المتعلم الفرد وعلى مستواه الشخصى.
أن احد العوامل الهامة التى تؤثر على نوعية التعليم ونجاحه هو تنظيم الدروس واعدادها. قد يقول احدهم أنه ليس بحاجة الى تحضير دروسه أو اعدادها بسبب خبرته الطويلة فى التعليم ومعرفته للمادة, ولكن الفصول تختلف كلية من حيث أفرادها مشكلاتها وانجازاتها وبيئتها الخاصة – وهذه اعتبارات تؤكد حتمية تنظيم واعداد الدروس بشكل يجعل الأهداف التعليمية والمادة المنهجية والأساليب التربوية تنسجم الوضع التعلمي – التعليمي الواقعي المتغير أبدا.
ان المعلم المنظم الناجح يهيئ مخططا عاما للسنة الدراسية بأكملها, ويدمج عناصر المختلفة التى يود أن يعلمها بالدروس والوحدات التى يعدها لطلابه, ويبنى على معرفة ومهارة الطلاب ويقودهم تدريجيا الى مستوى أرفع من المهارات اللغوية مستخدما ما يساعده من الوسائل التعليمية على أداء دروسه أداء ناجحا, نجحا كل أخطاء الطلاب فى اخراج الأصوات واستعمال المفردات والتراكيب اللغوية والكتابة قبل أن تتثبت هذه الأخطاء وتصبح عادة أو طبيعة ثانية, فالمعلم الذى ينظم ويعد دروسه يساعد طلابه على تنظيم دروسهم واعدادها أيضا, فيدركهم على كيفية الدراسة المتقنة ويرشد نشاطاتهم الأكاديمية حتى يصبح عندهم شيئ من الفخور والاكتفاء بأعمالهم ودروسهم وتفكيرهم وتنظيمهم واعدادهم.
هذا, ويركز المعلم المدرب على التعليم المصغر والتطبيقات العملية فى الصفوف بحيث يراقب الطلاب المتدربون تعليما نموذجيا ويقومون أنفسهم بالتدريس المراقب ويشترك الجميع بعد ذلك بتقويم العملية التطبيقية ويمارسون النقد الايجابي البناء[7].

ب‌.      تحضـير المعلم دروس اللغـة العربيـة فى المـدرس
الغرض من تحضير الدروس هو تعيين حدود المادة المراد إعطاؤها للتلاميذ, وكذلك ترتيب الحقائق التى يتضمنها موضوع الدرس, ورسم خطة محددة وواضحة يمكن بها توصيل المعلومات إلى أذهان التلاميذ بالشكل الذى يتناسب وعقلياتهم. ولذلك فإن التحضير أمر حيوى مهم فى عملية التدريس, وبدونه لا يتمكن المدرس من السير على نهج واضح فى درسه, أو يصل إلى ما ينشد من غايات. ومهما كان الدرس بسيطا, ومهما بلغ علم النفس, وامتيازه فى مادته, فلا بد من التحضير.
والتدريس يتطلب: إعداد المادة, ورسم الطريقة, وتدوين المذكرة, ثم إلقاء الدرس.
1.      إعداد المادة:
جدير بالمدرس أن يعين حدود مادة الدرس, وأن يرتب الحقائق على خير طريقة تناسب عقول تلاميذه. واستزادة المدرس من المادة ورجوعه إلى مصادر مختلفة - تمكنه من أن يهضم حقائقها, وينفث فيها من روح الحياة والنشاط. ومهما كانت المادرة بسيطة فهى تحتاج لتحضير. ولا بد من التأكد من صحة الحقائق التى تحتويها المادة. فكثير من المعلومات التى يدلى بها المدرس يكون قد اكتسبها من السماع دون دراسة وبحث. ويجدر بالمدرس أيضا أن يعلم أكثر مما يتطلب الدرس, وأن يحلل الحقائق حتى يلم بها من جميع وجوهها, وأن يختار من المادة القدر الذى يناسب الزمن المخصص, والغرض المقصود من الدرس, وقوة التلاميذ, والصعوبة أو السهولة.
وخير ترتيب للمادة هو ما كان طبيعيا, فترتبط كل حقيقة بما يلابسها وتتصل اتصالا متينا, وتكون متدرجة فى صعوبتها. ومما يجدر بالمدرس التفكير فيه أن يعلم من أين وكيف يبدأ الدرس؟ فيجب أن يبحث عن أساس متين من معلومات التلاميذ يبنى عليه المعلومات الجديدة, فيفكر فى حلقة يصل بها المدرس الجديد بالدرس القديم. وإذا كان المدرس يعلم معلومات تلاميذه السابقة. وقواهم ومواهبهم كانت الخطوة الأولى من الدرس سهلة أمامه. على أنه على كل حال يستطيع بقليل من الأسئلة أن يمهد السبيل للسير فى الدرس.
ومن المستحسن جدا أن يقسم المدرس درسه إلى مراحل فهذا يمكن المدرس من أن يجعل بين هذه المراحل فترات يستجمع فيها التلاميذ انتباههم. ويجددون نشاطهم للمرحلة الثانية. فالمدرس إذا استمر فى الدرس دفعة واحدة من غير فترات كان ذلك باعثا على السآمة والملل. ولهذه الفترات التى تمر بين مرحلة وأخرى فائدة جديرة بالذكر. فهى تمكن المدرس من التثبيت من فهم التلاميذ للمرحلة السابقة, حتى إذا ما أحس أن بعض النقط يعوزه الوضوح أعاده فثبته فى عقولهم, وأظهر بجلاء النقط المهمة فى الدرس, ولخص الدرس فى حقائق متبلورة وأثبتها على السبورة. ويا حبذا لو كانت هذه المراحل متوسطة فى العدد لا بالكثيرة التى تجعل الدرس مفككا, ولا بالقليلة التى لا تساعد المدرس على مراجعة أجزاء الدرس.
أما مصادر المادة التى يستقى منها المدرس معلوماته فهى تتوقف على نوع الدروس التى يتصدى لتحضيرها. فهناك مواد تحتاج بطبيعتها إلى اطلاع أكبر من غيرها ولعل أول مصدر يمكن أن يرجع إليه المدرس هو الكتاب المقرر, فهو يتمشى غالبا مع المنهاج الموضوع. على أن الاقتصار عليه لا سخلو من الخطورة. فقد يكون الكتاب المقرر غامضا أو ناقصا مبتورا فى بعض الأجزاء. وقد يكون سببا فى تسرب الملل إلى التلميذ لأن ما يقال له هو نفس ما يقرؤه. ولذلك كان لزاما على المدرس أن يستعين بمراجع أخرى.
وللمدرس أن يستقى مادته من مصادر أخرى – بالإضافة الى الكتب – كالصحف اليومية, والمجلات, والسينما, والمسرح, والإذاعة اللاسلكية. فبعض دور السينما يعرض مناظر متنوعة لحياة الشعوب المختلفة, أو أفلاما تمثل بعض النواحى العلمية. وهناك المعارض والمتاحف التى تقام بين آن وآخر. والتربية الحديثة قد بدأت تتجه إلى تغيير الاتجاه القديم الذى يقتصر على الكتاب باعتباره مصدرا للمادة, وتحث المدرس على أن يستقى مادته من واقع الحياة. فخبرة المدرس الشخصية أهم مصادر للمادة. وهكذا كلما اتسعت خبرة المدرس كان أقدر سيطرة على المادة وتكييفها للمواقف الجديدة, كما يصبح تدريسه أقرب إلى الهدف المقصود منه. هذا ويتمكن المدرس من إتمام نقص الكتب بدراسة الطبيعة ومظاهرها, وزيارة الأسواق, والقيام بالرحلات, وزيارة المتاحف ومكاتب السياحة, والبريد, والسكة الحديدية.
المبادئ التى تراعى فى اختيار المادة وترتيبها:
 توضع للمادة عادة مناهج تراعى فيها عدة عوامل مهمة كطبيعة الطفل والبيئة التى يعيش فيها, والأهداف المتوخاة من تلقى هذه المادة. وهناك مبادئ عامة يجب مراعاتها فى اختيار المادة وهى:
أولا: صحة المادة, حدير بنا معشر المدرسين أن نزود التلميذ بالمادة الصحيحة من جميع الوجوه, وأن نعمل دائما على استبعاد الجوانب الخاطئة منها فقد أثبتت التجارب السيكولوجية أنه من الصعب التخلص من التأثير الأول الذى يتركه المدرس بعمله وقوله فى نفس الطفل.
ثانيا: مناسبتها لعقول التلاميذ من حيث مستواها, فلا تكون فوق مستوى إدراكهم العقلى فيصعب فهمها, ولا دون مستواهم فيستهترون بها. فمن الصعب مثلا على طفل فى السنة الثالثة بالمدارس الابتدائية أن يدرك أسباب الخسوف والكسوف, أو يلم بقاعدة أرشميدس للأجسام الطافية. فيجب إذن أن نزود التلاميذ بما يتناسب وقدراتهم العقلية.
ثالثا: يجب أن تكون المادة مرتبطة بحياة التلميذ وبالبيئة التى يعيش فيها. ففى دروس الجغرافيا مثلا يجب ألا نعطيه شيئا عن آسيا قبل أن يدرس البيئة المحيطة به. وفى دروس الصحة يجب أن يتعلم التلميذ الإرشادات والقوانين الصحية التى تتناسب مع البيئة التى يعيش فيها.
رابعا: يجب أن تكون مناسبة للوقت المخصص لها, فلا تكون طويلة فيملها الأطفال ولا يستطيعون تذكرها, ولا فصيرة فيفهمونها بسرعة ويضيعون البافى من الزمن فى عبث غير منتج.
خامسا: يجب أن تكون مرتبة ترتيبا منطقيا, فيكون كل جزء مرتبطا تمام الارتباط بما قبله, وأن تكون حلقاتها متصلة بعضها ببعض, وأن تكون نقطها الأساسية بارزة واضحة.
سادسا: يجب أن تكون مقسمة إلى وحدات رئيسية. وكل وحدة فى ذاتها مجموعة لوحدات أصغر منها. والمقصود من تقسيمها إلى وحدات أن يفكر المدرس مقدما فى برنامج عمله, وأن يقسم مادة المنهاج إلى وحدات طبيعية تقطع فى فترات معقولة كبضعة أيام أو بضعة أسابيع. وليس من الضرورى أن تتمشى مادة الدرس مع صفحات الكتاب أو فصوله؛ لأن الكتب تقسم وتبوب بشكل يناسب ظروف الطباعة والكتابة والتأليف وهذا لا يلزمنا أن نتقيد به فى التدريس.
سابعا: يجب أن ترتبط مادة الدرس الجديد بمادة الدرس القديم. ويستلزم هذا محاولة إيجاد العلاقة بين الدرس القديم الجديد, وجمع أطراف كل درس قرب انتهائه, بحيث تتضح وحدته. ويحسن إن أمكن إثارة المشكلة التى يمكن أن نتخذها أساسا للدرس المقبل.
أما فى إعداد الطريقة فننصح المدرس أن يتبع ما يأتى:
1.   أن يفكر فى طريقة عرض الدرس فإن هذا يزيد المادة وضوحا وحيوية فى ذهن المدرس نفسه.
2.   وعليه أيضا أن يختار الطريقة المناسبة لسن الطفل. فلو فرضنا أن المدرس يعرف مادته معرفة مناسبة, فإن هذا لا يعفيه من وجوب تكييف هذه المادة بحسب معدل وقدرة كل فصل, بل كل تلميذ بقدر ما يستطيع وبقدر ما يعلمه عن كل تلميذ.
وليعلم المدرس أنه فى تجديد التحضير للدرس تجديد لشباب المدرس نفسه. لا من حيث المظهر الخارجى بل من حيث إقباله على تدريس مادته, ومن حيث القضاء على الآلية, والملل فى تكرار درس ما. وخير ما يسلك من السبل أسهلها وأقربها. وقد يحسن المدرس صنعا إذا استعاد صورة درسه واستعرضها فى فكره قبل إلقائه, لكى يستطيع أن يعلم إجمالا ما عسى أن يكون للدرس من أثر فى نفوس التلاميذ, وموقفهم أمام عناصره المختلفة. فإذا كان بعض هذه النقط مما سيستنبطه التلاميذ بأيفسهم وجه إلى ذلك عنايته, واتخذ العدة لنوع الأسئلة التى سيلقيها.
مرونـة التحضـير:
لا يصح أن يجمد المدرس عند صيغ خاصة فى التحضير يلزم نفسه باتباعها وعدم التصرف فيها, وليس من المستحسن أيضا أن يصب المدرس كل درس من دروسه فى قالب معين, فذلك من شأنه أن يضع قيودا تقيد المدرس وتسليه حرية التفكير. ولا يتبادرن إلا الذهن أن تقسيم الدرس إلى خطوات هو فى حد ذاته موطن الضعف؛ فالتقسيم أمر لا سخلو من الفائدة بحيث لا يطغى جزء على آخر. وكل  ما ننصح به هو أن يكون تحضير الدروس مرنا, فيكتفى المدرس برسم خطة محكمة للدرس تكون بمثابة أساس يمكن السير على هديه حتى نأمن الزلل, ونترك التفاصيل تمليها ظروف الدرس. ويجب أن نتوخى فى الخطة ارتباطها بالدرس السابق, وصلاحيتها للارتباط بالدرس اللاحق. كما يجب ألا يجمد المدرس عند صيغ خاصة أعدها للأسئلة, ويلزم نفسه عدم الخروج عنها أو عدم التصرف فيها؛ فإن ذلك يجعل المدرس متكلفا, والدرس غير طبيعى. فخير للمدرس أن يترك صياغة الأسئلة فى قوالب خاصة للظروف التى يسير عليها الدرس حتى تكون مبنية على ما قبلها من الأجوبة, وإذا أراد التفكير فى الأسئلة فليعد الاتجاه الذى تسير فيه. وإذا فكر فى ألفاظها وصيغها فلا يكون ذلك مدعاة لجمود أوقيود.
وليكن إعداد الدرس طبيعيا من غير مبالغة أو تقصير فالغرض إنما هو تذليل الصعاب, والوصول إلى الغاية من أقرب الطرق. وليكن التحضير مرنا من سنة دراسية إلى سية أخرى, ومن فصل إلى فصل. وجدير بالمدرس أن يكون على استعداد لمقابلة المفاجآت. فالأطفال يكثرون من المفاجآت للمدرس, وعندئذ قد يخرج الدرس عن الطريق الذى رسمه المدرس قبل دخول الفصل, فإن لم يكن على استعداد لأن يواجه أكبر عدد من الاحتمالات أفلت زمام الدرس من يده. وقد يؤدى الخروج عن الخطة المرسومة إلى إعطاء درس جيد, وإبراز طريقة أحسن من الطريقة المدونة فى المذكرة. على أن عامل المصادفة يلعب هنا دورا عظيما. ولذا يجب الاستعداد للطوارئ مقدما, بأن يجعل المدرس تحضيره مرنا قابلا للتقديم وللتأخير وللزيادة والنقصان. على أن هذا لا يتمكن المدرس من تنفيذه إلا إذا كان مسيطرا على المادة, وكان ملما بالهدف الذى يرمى إليه من الدرس.
2.    إعـداد مذكـرات للـدروس :
ليس الغرض من مذكرات الدروس أن تون معرضا لسرد الحقائق العلمية, تكتنفه مجموعة كبرى من وسائل الإيضاح والأسئلة والأجوبة, ولكن الغرض من المذكرة أن تكون أساسية تشمل خير الطرق للتدرج فى سير الدرس, وعرض ما فيه من أفكار وحقائق بطريقة منظمة متماسكة. وهى بهذا الشكل أشبه شىء برسوم المهندس ومعداته التى يعدها قبل شروعه فى تشييد البناء. ونكرر القول: هنا بأنه ليس الغرض من مذكرة الدرس أن تكون قيدا للمدرس يمنعه من التصرف. ولكن أن تكون أداة تساعده فتكون خادمة له لا حاكمة عليه. وليس من داع لأن يجيد المدرس عما رسمه لنفسه من خطط فى مذكراته, ولكن يجدربه ألا يجعل درسه عبارة عن سرد للمذكرة التى أعدها, فيجعل شبح المذكرة يروح ويجىء أمامه, يملك عليه تفكيره ويجعله كآلة تسرد حقائق مسطرة. فالمذكرة ما هى إلا خطة عامة تنير الطريق دون أن تبين  تفاصيله.
ومذكرات الدروس تظهر مهارة المدرس فى ترتيب مادة الادرس, وتبين مدى مقدرته على السير فيه بشكل منتظم. وكذلك توضح ما سوف يحصل عليه التلاميذ من فوائد وثقافة وتمرين للقوى العقلية.
أما عن ترتيب مذكرة الدروس, فإن الطريقة التقليدية فى ملء الخانات المدرجة فى صفحات (كراسة التحضير) ليست بالنظام الذى لا يحاد عنه, وإنما يجدر بالمدرس أن يتخير من النظم فى ترتيب مذكرة درسه ما يراه مناسبا.
وننبه إلى أن ظروف الطالب الذى فى التمرين تختلف عن ظروف المدرس الثابت فى تفاصيل طريقة كتابة المذكرة. فالطالب ملزم فى كثير من الأحيان أن يدون تفاصيل يرى أنها ضرورية فى أول عهده بالتحضير لأغراض منها: أن يعتاد التفكير فى كل النقط التى تحيط بالدرس. ثم هو سيكسب عند الاشتغال بالتدريس خبرة ببعض الأشياء التى يمكن أن يغفلها فيما بعد فى التدريس العادى. ومن أمثلة التفاصيل المطلوبة من الطالب الذى فى التمرين.
معلومات عامة عن الدرس, السنة والفصل (وهذا يهمل فيما بعد فى كراسة التحضير ولا يثبت إلا لإثبات أن هذا الفصل قد أخذ الدرس), متوسط سن التلاميذ حتى نضمن أنه فكر فى مستواهم العقلى على قدر الإمكان (ولو أن متوسط السن الزمنى لا يدل على متوسط السن العقلى). ويطلب من الطالب الذى فى التمرين أيضا أن يدرج فى مذكرته الغرض العام والخاص من الدرس. والعام ينصب على المادة باعتبارها جزءا من المنهج, والخاص ينصب على الغرض من درس ما بالذات وسيحار الطالب الذى نتمرن فى التفنن لذكر غرض عام وغرض خاص, وما المراد من هذه المطالبة إلا أن يؤكد لنا أنه يفهم روح المنهج مادة الدرس بحق.
كذلك يطالب المدرس الذى فى فترة التمرين بإثبات وسائل الإيضاح التى سيستعملها فى الدرس, فى مذكراته. ليس الغرض مجرد تعدادها إنما ضمان التفكير فيها وكذلك استعمالها فى الوقت المناسب.
تلك هى النقط العامة فى مذكرات الدروس أما صلب المذكرة فيشمل:
1- المادة                           2- الطريقة
ويرى بعض المربين أن هناك نوعين من المذكرات: (ا) مذكرات النقط الأساسية للدرس أو عناصره أى: مذكرات مختصرة. وهذا ما يجب أن يثبت فى كراسة التحضير, (ب) مذكرات إيضاحية أو تفصيلية للمادة وهذه تكون فى غير كراسة التحضير وخاصة بالمدرس دون غيره. وهذه الطريقة تفيد المدرس المبتدئ. فلا بد للمدرس من أن يكون له مذكرة تكون خليطا من المدكرات الجامعية والمصادر. أما المذكرة المختصرة فيجب أن تكون فى غير اقتضاب أو إطناب, ولو أنه فى التمرين يحسن أن تكون المذكرة أطول قليلا منها فى التدريس العادى, وأن تكون مبوبة تبويبا حسنا مع مراعاة زمن كل نقطة, ةتمشيها مع طبيعة التلاميذ لا مع طبيعة المدرس.
ربـط الـدروس بالحيـاة الخارجيـة :
إن المظهر البارز للمدرسة التقليدية هو الاهتمام بتلقين التلاميذ مجموعة من الحقائق الجافة يلزم التلميذ باستيعابها وحفظها والإجابة عنها فى الامتحانات, وفى النهاية يخرج إلى الحياة العملية فيجد نفسه فى محيط يختلف تمام الاختلاف عن المحيط الذى نشأ فيه. وهكذا نجد التلميذ المتقدم دراسيا لا ينجح أحيانا فى الحياة العملية والعكس صحيح أيضا. وهذا يدل على أن التلميذ يخرج من المدرسة تنقصه معرفة الكثير عن حقائق الحياة الخارجية, الأمر الذى تعنى التربية الحديثة بتلافيه, وذلك بالعناية يجعل المدرس صورة من المجتمع الخارجى. وبتوجيه المواد المختلفة بحيث تهتم بتذليل الصعوبات أو المشكلات التى تواجه الفرد فى الحياة العلمية. ولذلك نجد للرحلات الدراسية, والأعمال التعاونية, والجمعيات, والفرق الرياضية, وجمعيات التنظيم الداخلى للطلبة. نجد لكل هذه مكانا بارزا مهما فى المدرسة الحديثة. والغرض من ذلك هو معالجة موضوعات الدراسة علاجا واقعيا عمليا يرتبط بالحياة الخارجية؛ وبذلك يتاح للتلميذ أن يفيد منها فائدة عملية, وفى الوقب نفسه تصبح شائقة تبعث على اهتمام الطفل. والخلاصة: أنه لا بد من أن تكون مواد الدراسة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحياة الخارجية. فلا تقتطع المادة اعبطاعا من ملابساتها الحيوية والاجتماعية, وإلا جعلناها جافة لا معنى لها فى نظر الطفل. فإن المعلومات المختلفة التى نعطيها للطفل لم تشتق إلا من الحياة, والمواد المختلفة ما هى إلا صفحات للتفكير الإنشانى فى الحياة العملية. ففى هذا الميدان مثلا توجد أمثلة كثيرة جدا يمكن استغلالها داخل المدرسة بشكل حيوى.
فمثلا يمكن الربط بين التطبيقات أو المسائل الحسابية, وبين ما يدور خارج المدرسة فعلا كالبيع والكراء, وذلك فى تعليم الجمع والطرح والضرب ... إلخ أو نستغل وقوع حادثة سيارة فى معرفة سرعة السيارة, ونستغل ذلك فى تعلم القسمة.
ومن هنا يتضح لنا أن طرائق التربية الحديثة قد وصلت إلى أساليب فى التعليم تقوم على أساس ربط الدروس بالحياة. ومن أبرزها طريقة المشروع. وهى طريقة عملية واقعية, أساسها الاهتمام بربط الدروس بالحياة الخارجية؛ وذلك بإثارة مشكلات من واقع الحياة, تثير فى التلاميذ الرغبة فى حلها أو تنفيذها, وذلك فى سياق مشروعات مثل: مشروع إنشاء مقصف للمدرسة – مشروع تربية الدواجن أو دودة القز. وفى أثناء تنفيذ مثل هذه المشاريع نتيح التلاميذ أن يتصلو اتصالا مباشرا بالحياة الخارجية مبتدئين فى ذلك بمختلف الهيئات الخارجية من محلات للبيع, أو مصانع, أو هيئات رسمية[8].
ت. المشكلات التى تؤثر فى عملية نجاح درس اللغة العربية
إذا كان الفرد لا يعمل فكره إلا إذا وجد ما يدعو إلى التفكير كان أول ما تعنى به التربية الحديثة إيجاد ما يتمشى مع جهد التلميذو وسنه, واستعداده, وخبراته وميوله – من مسائل فعلية ومشكلات تفكيرية, وترويضه من أول الأمر على حل المشكلات المدرسية حتى يتدرج منها إلى مقابلة المشكلات العامة والمسائل الاجتماعية والاقتصادية, حيث يتعاون الأفراد والجماعات على حلها. من ذلك نتبين مدى فائدة رأى الأستاذ ولتن حين يقول: لا بد لكل درس من مشكلتين, أو ثلاث تؤدى إلى صميم الدرس, وتنتهى إلا غاية. إذ أنه ما من شك فى أن التعليم يكون أثبت فى الذهن إذا جاء عن طريق محاولة الفرد أن يكشف بنفسه المعضلة التى تعترضه ويحلها. ويجب علينا أن نهتم دائما بأن نختار من المشكلات ما يثير شوق الطفل ويدفعه إلى التفكير.
ففى رياض الأطفال مثلا توجد بعض المشكلات كتكملة الجمل بكلمات مناسبة, أو ملء الفراغات الخشبية بقطع منتظمة مساوية لها, وكاختيار الألوان المناسبة لمنظر خاص, أو ترتيب الخرز, أو نحوه فى نظام خاص.
وفى المدرسة الابتدائية كثير من المشكلات أيضا: ففى درس الجغرافيا يطالب التلميذ بالقيام برحلات لأماكن بعيدة, كما يطالب بذكر البلاد التى يمر بها برا وبحرا.
وفى هذه الحال يلجأ التلميذ إلى استعمال الخرائط بنفسه لمعرفة تلك البلاد. وقراءة الخرائط وألوانها تستلزم بالتالى معرفة الرموز المختلفة المستعملة فى الخرائط ... إلخ. وفى درس مشاهد الطبيعة نجد من المشكلات طفو بعض الأجسام ورسوب البعضن الآخر, وهذه مشكلة يمكن أن يوجه التلميذ إلى حلها بالتجربة. كذلك من المشكلات: معرفة السبب فى عدم الاحتراق إذا كان الهواء فاسدا, واتجاه النباتات فى نموها وجهات مختلفة, أو وصول المياه فى الأنابيب إلى الطبقات المرتفعة فى المنازل, وغير ذلك.
والمشكلة هى – كما يقول ديوى – حالة حيرة وشك وتردد تتطلب بحثا أو عملى يجرى لاستكشاف الحقائق التى تساعد على الوصول إلى الحل وفى حل المشكلة نراعى وجود خطوات تساعد التلميذ عليه وهذه الخطوات قد فصلها جون ديوى فى كتابه كيف نفكر ويمكن تلخيصها فى :
1.   الشعور بالمشكلة
2.    تحديد المشكلة
3.   افتراض الحلول المحتملة
4.   اختبار صحة هذه الفروض عن طريق التعليل الاستقرائى
5.   القطع بصحة الحل الراجح بواسطة الملاحظة والتجريب من جديد, وتطبيق الحل الجديد بالقياس, بقبوله أو رفضه, والاعتقاد بصحته أو خطئه[9].
والشعور بوجود المشكلة يتطلب من المدرس أن يكون درسه جديدا يتناول موضوعا جديدا شائقا, ونقطا جديدة واضحة. أما تحديد المشكلة فيتطلب منا تحليل الموقف وجمع المعلومات اللازمة وترتيبها, وتنظيم كتلة المعلومات القديمة, وتهيئة العناصر الإدراكية. فالمهم فى عملية التدريس أن يكون عند الطالب إلمام بكل العناصر اللازمة لبحث هذا الموضوع وسلسلة الموضوعات المرتبطة به, وأن يحضرها ويجمعها بنفسه كلما أمكن. وهذا هو أساس كل الطرق الحديثة: فطريقة المشروع, وطريقة دالتن, وطريقة منتسورى, وطريقة دكرولى, وطريقة وينتكا, وكافة الطرق الحديثة متفقة فى أساسها وإن كانت مختلفة فى وجهاتها؛ فهى ترمى إلى جعل التلميذ عنصرا فعالا فى بيئته. فجدير بنا أن نعود الطفل من البداية الاعتماد على نفسه فى التحصيل والفهم والنقد والابتكار. ومرحلة افتراض الحلول المحتملة تتطلب من المدرس إعداد الأسئلة الممكنة للدرس. وأن يقدر جميع الأجوبة الممكنة على السؤال. أى: أن يفكر المدرس فى جميع الإجابات المحتملة حتى لا يضطر إلى إهمال إجابات ربما تؤدى إلى حلول صحيحة للموقف. أما عن الخطوتين الأخيرتين, وهما: اختبار الحل, والتحقيق فهما يتطلبان منا أن نفهم أن الفكرة الصحيحة لا تكون صحيحة إلا إذا أثبت التطبيق صحتها. فلا بد للفكرة, كيما تثبت, أن تقلب على جميع أوجهها, وتطبق تطبيقات مختلفة, وتجرب بنتيجتها الأخيرة على أشكال مختلفة, وفى أوضاع متغايرة.
ويستطيع المدرس أن يجعل دروسه وسيلة لتنظيم التفكير إذا أوقف التلميذ فى كل درس على الغرض الذى يرمى إليه هذا الدرس؛ إذ أن العقل فى التفكير يتتبع الغرض الذى يريد أن ينتهى إليه, وهذا ميسور إذا وضع الدرس للتلميذ فى شكل مشكلة, أو عدة مشكلات براعى تدرجها من السهولة التامة إلى التعقيد. وليعلم المعلم أن فشل التلميذ الغبى فى المدرسة لا يرجع إلى غبائه, ونقص عقله, بقدر ما يرجع إلى عدم تشجيعه على التفكير الصحيح. وليعلم أيضا أن الغرض من التدريس أن يصل التلاميذ إلى حقائق وأفكار صالحة, وأن ننمى مواهبهم مع بذل أقل مقدار من الزمن والجهد. ومما يساعد على تحقيق ذلك أمور ثلاثة نجملها فيما يأتى:
1.      الغرض الواضح. فيننغى أن يعلم المدرس بالدقة ما الذى يسعى للوصول إليه فى الدرس ليسترشد به فى خطئه.
2.      الإلقاء الواضح. وهذا يتطلب تخير الطريقة التى تناسب مقدرة التلاميذ وأعمارهم وطبيعة مادة الدرس.
اشتراك التلاميذ وبذل جهدهم فى الدرس. ولذلك يجب ، يعمل المدرس على إيقاظ عقول التلاميذ, وتنشيط مواهبهم, وحملهم على شغل عقولهم فى الدرس[10].
. قائمـة المصـادر و المـراجـع العربيـة
أحمد عثمان، عبد الرحمن، مناهج البحث العلمي وطرق كتابة الرسائل الجامعية, دار جامعة افريقيا العالمية للنشر, الخرطوم، 1995.
ج. فندريس, اللغة (تعريب : عند الحميد الدواخلى, ومحمد القصاص), القاهرة, 1950.
جودت الركابي, طرق تدريس اللغة العربية, دار الفكر المعاصرة, بيروت, لبنان, 1996.
خلد حسين مصلح، فى مناهج البحث العلمي وأساليبه، دار مجدلاوي للنشر, عمان، 1999.
دبنس تشاليد, علم النفس والمعلم (ترجمة؛ عبد الحليم محمود السيد وآخرون), القاهرة, مؤسسة الأهرام, 1983.
رجا توفيق نصر, أعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها, المملكة العربية السعودية, رياض, 1980.
صالح عبد العزيز وآخرون, فى طرق التدريس التربية وطرق التدريس, الجزء الأول, دار المعارف, القاهرة, 1981.
صالح عبد العزيز وآخرون, فى طرق التدريس التربية وطرق التدريس, الجزء الثانى, دار المعارف, القاهرة, 1981.
عبد الحميد محمد الهاشمي, مبادئ التربية العملية, دار الارشاد للطباعة والنشر والتوزيع, بيروت, 1972.
عبد الوهاب ابراهيم ابو سليمان, كتابة البحث العلمى ومصادر الدراسات الاسلامية, دار الشروق, جامعة ام القرى, مكة المكرمة, 1986.
8. قائمـة المصـادر و المـراجـع الجنبيـةأ
Arifin, Imron, 1996, Penelitian Kualitatif dalam Ilmu-ilmu Sosial dan Keagamaan, Malang, Kalimasahada Press.
BMPTSI, 1998, Pelatihan Metode Kualitatif (Kumpulan Materi), Surabaya, Badan Musyawarah Perguruan Tinggi Swasta Wilayah VII Jawa Timur.
Moleong, Lexy J., 2000, Metodologi Penelitian Kualitatif, Bandung, PT. Remaja Rosdakarya.
Robert Lado, Languange Teaching a scientific approach, Tata Mc Graw-Hill Publishing Co, Ltd, New Delhi, (4 th impression), 1977




[1]  ج. فندريس, اللغة (تعريب : عند الحميد الدواخلى, ومحمد القصاص), القاهرة, 1950, المقدمة.
[2]  دبنس تشاليد, علم النفس والمعلم (ترجمة؛ عبد الحليم محمود السيد وآخرون), القاهرة, مؤسسة الأهرام, 1983, ص. 171.
[3]  جودت الركابي, طرق تدريس اللغة العربية, دار الفكر المعاصرة, بيروت, لبنان, 1996, ص.46.
[4]  جودت الركابي, نفس المرجع, ص.47.
[5]  عبد الحميد محمد الهاشمي, مبادئ التربية العملية, دار الارشاد للطباعة والنشر والتوزيع, بيروت, 1972, ص. 69.
[6] Robert Lado, Languange Teaching a scientific approach, Tata Mc Graw-Hill Publishing Co, Ltd, New Delhi, (4 th impression), 1977, hal. 59.
[7]  رجا توفيق نصر, أعداد معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها, المملكة العربية السعودية, رياض, 1980, ص.7.
[8]  صالح عبدالعزيز وآخرون, فى طرق التدريس التربية وطرق التدريس, الجزء الأول, دار المعارف, القاهرة, 1981, ص. 217.
[9]  صالح عبدالعزيز وآخرون, فى طرق التدريس التربية وطرق التدريس, الجزء الأول, دار المعارف, القاهرة, 1981, ص. 219.
[10]  صالح عبدالعزيز وآخرون, فى طرق التدريس التربية وطرق التدريس, الجزء الأول, دار المعارف, القاهرة, 1981, ص. 220.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar